ارتفاع أسعار السلع الأساسية في لبنان كأنه يسابق الضوء. فقد بلغ 1.8% خلال الشهرين الأولين لعام 2013 بحسب مؤسسة البحوث والاستشارات. وتشير المؤسسة إلى أن أسعار الألبسة زادت بنسبة 7.6% والغذاء والمشروبات بنسبة 2.5% والسكن بنسبة 2.2%. أما تضخم الغذاء فهو مكوّن من ارتفاع بنسبة 2.5% للأكل، و1.7% للتبغ و3.9% للكحول. فمثلا، ارتفع سعر كيلو اللوبياء من 6000 ل.ل إلى 8000 ل.ل. و البندورة من 2000 ل.ل. إلى 3000 ل ل والخيار من 500 ليرة إلى 2500 ليرة والتفاح من 2000 ل. ل. إلى 3000 ل.ل. ومن المهم عدم الاستهانة بهذه الارتفاعات، فهي تعني أن الزيادة الهزيلة على الأجور التي أقرتها الحكومة بداية السنة الفائتة، ذهبت بشكل أساسي إلى جيوب التجار.
وها هي تنقضي ثلاث أشهر كاملة من عام 2013، ولجنة المؤشر لم تصدر بعد تقريرها الذي من المفترض به أن يوصي بتصحيح الأجور وفق نسبة التضخم، والذي على أثره تقرر الحكومة (المستقيلة حاليا) تصحيح الأجور. هذا التقرير الذي كان من المفترض أيضا أن يصدر نهاية 2012، إذن لم ير النور بعد، في وقت سجلت فيه نسبة التضخم لعام 2012 بين 6 و10 بالمئة. واضطلع وزير العمل سليم جريصاتي بدور المعطل لاجتماعات لجنة المؤشر تلك. هو الذي كان قد صرّح سابقا، مقللا من شأن هذه الاجتماعات قائلا: "يجب على طرفي الإنتاج ألا يعتبروا اجتماع اللجنة (لجنة المؤشر) كالخطر الداهم، كونه ليس من الممكن أن تفتح معركة تصحيح الأجور. وإنما الاجتماع مساحة لإطلاعهما على نسب التضخم المسجّلة علمياً"
في هذه الأثناء، ترفض هيئات أصحاب العمل أي نوع من الزيادة على الأجور، ضاربة بعرض الحائط ما التزمت به في "الاتفاق الرضائي" الذي جمعها بالاتحاد العمالي العام عام 2012، والذي تضمن قرارا ينص على أن: "تُصحّح الأجور بشكل سنوي وفقاً لمؤشرات الغلاء ونسب التضخم كي لا تتراكم فتفقد الأجور قدرتها الشرائية".
هذه الهيئات كانت قد لعبت دورا مكشوفا في الوقوف ضد أكثر من مئتي ألف موظف وأستاذ ومعلم ومتعاقد ومتقاعد رافضة لإحالة سلسلة الرتب والرواتب إلى مجلس النواب، وقبل ذلك إقرارها في الحكومة. مهولة في الوقت عينه، بتبعات اقتصادية كارثية لها، ومستعملة لخطاب استفزازي ممعن بالتعالي على العمال والموظفين من مثل: "الهيئات الاقتصادية تطاع ولا تطيع".
لذا، فمن الواضح أن تصحيح الأجور، لن يتم من دون معركة فعلية، كتلك التي خاضتها هيئة التنسيق النقابية. إلا أن الاتحاد العمالي العام يبدو أكثر من عاجز عن خوضها، وتاريخه القريب يشهد بذلك. إذ أن القاصي والداني يعلم كيف تواطأ الاتحاد مع أصحاب العمل بداية عام 2012، لضمان زيادة هزيلة على الأجور حددت بـ 675 ألف ل.ل. وليصطدم أيضا بطرح وزير العمل في حينها شربل نحاس الذي، وللمفارقة، كان أكثر تقدمية في نظرته للأجر الاجتماعي، وبضم بدل النقل إلى الأجر وبمشروعه للتغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين، من القيادة النقابية البيروقراطية للإتحاد العمالي العام.
لذا، في الوقت الذي لا يمكن عقد الأمل على أي من أطراف الإنتاج الثلاث (الاتحاد العمالي العام، الهيئات الاقتصادية والحكومة –المستقيلة-) في تصحيح الأجر، تبدو الحاجة الماسة إلى مركز نقابي بديل يتصدى لطريقة التعامل المتبعة مع الأجور بحلول وقتية. ويفرض أيضا سياسة تصحيح للأجور تتناسب ومستويات المعيشة وتتحرك وفقا لمعدلات
التضخم
0 comments:
Subscribe to:
Post Comments (Atom)