فرفحين- المدن
لم يكن المؤتمر الصحفي الذي عقدته هيئة التنسيق النقابية الجمعة عادياً، بل بدا أشبه بإعلان الاستنفار العام في صفوف عشرات الآلاف من الأساتذة والمعلمين والموظفين. فقد حمل دعوة صريحة لإضراب عام شامل ومفتوح سيشلّ كل المدارس والثانويات الرسمية والخاصة ومعاهد التعليم المهني والتقني الرسمي والوزارات والإدارات العامة والسرايا الحكومية في الأقضية والمحافظات والبلديات كافة. وذلك إعتباراَ من 19 شباط الحالي، تحت عنوان "الإفراج عن السلسة وإحالتها فوراً إلى مجلس النواب". 
ويعتبر إعلان الإضراب المفتوح رداً عملياً ومباشراً على هيئات أصحاب العمل التي عمدت خلال لقائها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس إلى "تحريض" الحكومة ضد موظفيها، فضلاً عن مطالبتها بقمع تحركات هيئة التنسيق النقابية، التي رأت فيها انتقاصاً لـ"هيبة" الدولة. إذ طالبت الهيئات بتطبيق المادة 15 من قانون الموظفين التي تحظر على الموظفين الإضراب والتظاهر. على أن ردّ رئيس رابطة التعليم الثانوي حنا غريب على موقف الهيئات لم يتأخر. فقال خلال إجتماع اليوم وبنبرة ساخرة: "جايين الشباب متأخرين كثيراً، فليذهبوا وليخيطوا بغير هذه المسلّة". 
أمّا نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض فقال: "كنت أتمنى لو أن الهيئات الاقتصادية رفعت صوتها لتحديد نواحي الفساد والهدر في الدولة اللبنانية كالسرقات في المرفأ والأملاك البحرية وقطاعي الكهرباء والاتصالات، لا أن توجه سهامها إلى الموظف والمعلم والعسكري والمتعاقد".
هذا، ووجّه محفوض رسالة إلى الأساتذة والمعلمين في المدارس الخاصة منبهاً لخطورة طرح مشروع لـ"فصل التعليم الخاص عن العام، فأدعوكم للتصدي لمشروع كهذا، والانتفاض لحقكم في زيادة غلاء المعيشة التي لم نحصل عليها بعد". أما بالنسبة لأهالي الطلاب وأهاليهم فقال محفوض: "لا يعقل أن يقف الطلاب وأهاليهم ضد المعلّمين، بل من مصلحتهم أن يكونوا متضامنين معنا في هذه المعركة ليكون الأساتذة أعزاء وكرام في وطنهم".
هكذا إذن استحال الإضراب الذي كان من المفروض أن يكون لثلاثة أيام مطلع هذا الشهر  إضراباً مفتوحاً بدءاً من 19 الجاري. ويأتي الإرجاء "إفساحاً في المجال أمام التحضير الجدي له" بحسب غريب، مضيفاً: "نريد أيضاً فتح المجال أمام الاتصالات السياسية علّنا نجد توافقاً سياسياً لإحالة السلسة وفق الاتفاقات، بدلاً من التوافق الحاصل ضدنا وضد السلسلة".
إلى ذلك، أشارت الهيئة إلى أن الإضراب المفتوح ليس الورقة الأخيرة التي  لا تزال في جعبتها، بل توجد أوراق تصعيدية أخرى ليس أقلها الدعوة إلى مقاطعة الامتحانات الرسمية ومقاطعة الانتخابات النيابية. كما توجّهت في بيانها إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان متمنية عليه التدخل لإحالة السلسلة وفقاً للدستور، محمّلة الحكومة مجتمعة مسؤولية ما سيترتب عن تنفيذ الإضراب المفتوح وشل القطاع العام. 
كما دعت إلى عقد جمعيات عمومية مشتركة للأساتذة والمعلمين والموظفين الإداريين والمتقاعدين والمتعاقدين والأجراء يوم الثلاثاء في 12 شباط لتشكيل وتنظيم لجان الإضراب المفتوح وبرنامجه. 
ولم يغب عن المؤتمر الصحافي أيضاً دعوة جميع المعنيين بالشأن العام، أحزاباً وقوى وتجمعات سياسية واجتماعية ونقابية، إلى تحمل مسؤولياتها وأخذ المبادرة بالتحرك السريع والضاغط على الحكومة من أجل تغيير سياستها الإفقارية المتمادية. فقضية هيئة التنسيق ليست محصورة بها "بل هي قضية وطنية واجتماعية بامتياز" على حد ما جاء في البيان الذي أعقب المؤتمر. 
ودعت الهيئة في بيانها إلى تنفيذ اعتصام مركزي في أول يوم للإضراب عند الساعة 11 قبل الظهر في شارع المصارف في الأسواق التجارية ووصولاً إلى السرايا الحكومية. أما اختيار مكان الاعتصام في شارع المصارف فلم يكن اعتباطياً بالطبع، ففيه رسالة لكل "حماة الفساد والرشوة ومغتصبي أملاك الدولة البحرية والنهرية الذين هرعوا للدفاع عن مصالحهم وعن أرباحهم الفاحشة، حتى لو كان ذلك على حساب مصالح الناس، وهيبة الدولة، والاقتصاد ككل". وحمل البيان أيضاً على أولئك الذين "يهوّلون اليوم "بالكوارث إذا ما أحيلت السلسلة، ولم يتورعوا عن التهديد بشل البلاد ومارسوا سياسة التهويل والتخويف اقتصادياً ومالياً، وقدموا ذريعة لعدم تحويل السلسلة". 
بإختصار، أعلنت الهيئة أنّ إحالة السلسلة حقّ وأنها بصدد إحقاقه. 

0 comments:



Copyright 2008| FARFAHINNE is powered by Blogger and K2 Beta Two by يساري مصري.
RSS Entries and RSS Comments