المرصد- فرح قبيسي



فيما تتكدس الملفات الاجتماعية والاقتصادية لدى الحكومة دون أي بوادر لمعالجة حقيقية، يزيد غليان المواطنين من عمال وأجراء وموظفين جراء ثقل الهموم الحياتية الملقاة على ظهورهم. وفيما تمضي الحكومة في تصميم قل نظيره بسياسة النأي بالنفس عن مشاكل الناس يصبح الشارع  مساحة التعبير عن حالة الغضب المتصاعدة.
فاليوم، وتحت شعار: "ألا يستحق موظفو القطاع العام والأساتذة والمعلمون جلسة لمجلس الوزراء لإقرار سلسلة رواتبهم؟" انطلقت المظاهرة التي دعت إليها هيئة التنسيق النقابية عند الساعة العاشرة صباحا من البربير وصولا إلى السراي الحكومي في رياض الصلح، مطالبين الحكومة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب التي تدرسها منذ حزيران الماضي لجنة وزارية شكلتها حكومة نجيب ميقاتي على أن تبت فيها في بداية هذا الشهر. إلا أن حزيران انتهى، وهاهو تموز يقترب من نهايته فيما إقرار السلسلة يواجه المزيد من التسويف.
وعلى ضوء مماطلة الحكومة وتلاعبها بمعيشة حوالي 159 ألف موظف\ة في السلك الإداري والعسكري والتعليمي، أتى تصريح رئيس رابطة التعليم الثانوي حنا غريب الذي رأى أن الحكومة سقطت في "امتحان الوعود"  لذلك فإن "هيئة التنسيق لن تتراجع عن مقاطعة التصحيح (امتحانات الشهادات الرسمية) أو إصدار النتائج وعن المزيد من التصعيد حتى الإفراج عن السلسلة". تصريح غريب هذا، تلاه كلام تصعيدي آخر جاء على لسان نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض الذي قال: "إما أن تقر الحكومة سلسلة الرتب والرواتب خلال 10 أيام أو أن ترحل."


موظفو القطاع العام ينضمون إلى قاطرة الإحتجاجات:
اليوم، انضمت شريحة جديدة إلى تحركات روابط الأساتذة والمعلمين المطلبية، مضربة ومتظاهرة ومصرحة للصحف وهي شريحة موظفي القطاع العام. وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي ينظم فيها موظفو الإدارات العامة احتجاجات مطلبية، فهم نفذوا البارحة وخلال الأسابيع الماضية اعتصامات في كل لبنان لساعة أو لساعتين على الأكثر داخل إداراتهم للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، إلا أن مفارقة اليوم هي في مشاركتهم الكبيرة في المظاهرة المركزية لهيئة التنسيق النقابية التي جاءت بعد تصريح وزير العمل سليم جريصاتي بشأن مخالفة موظفي الدولة من إداريين ومعلمين وأساتذة لقانون الموظفين (المادة 15) الذي يحظر عليهم الإضراب والتنظيم النقابي وكل وسائل الإحتجاج الجماعي.
ويعتبر النقابي محمد قاسم أن خروج الموظفين إلى الشارع له دلالتين: الدلالة الأولى، هي بداية الوعي النقابي لديهم والالتفاف حول الأداة النقابية التي أنشأوها وهي رابطة موظفي الإدارة العامة، خاصة أن الحكومة اضطرت مؤخرا إلى التوقيع، بعد تأخير دام 64 عاما، على الاتفاقية الدولية رقم87 التي تجيز للقطاع العام حق التنظيم النقابي. أما الدلالة الثانية، فهي الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي بات يخنق الموظفين في القطاع العام والهيئة التعليمية معا.
وليد ضو، أستاذ في التعليم الرسمي، يقول أن مشاركة الموظفين تدل على أن المادة 15 من قانون الموظفين لم تعد عمليا موجودة بعد أن تم خرقها مرارا وتكرارا ويجب أن يتم الضغط من أجل إلغائها نهائيا وهذا المطلب يجب أن يكون بأولوية مطلب إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي ترفعها هيئة التنسيق النقابية، ويضيف: "نزول الإداريين إلى الشارع معنا كمعلمين هو أكبر رد على محاولة الحكومة تقسيمنا. ويجب أن يتم تشكيل المزيد من الروابط والنقابات في كل الإدارات العامة". أما نعمة محفوض فيقول أنه من "الواضح أن المسؤولين لم يسمعوا بعد بالربيع العربي، فيريد بعض الوزراء تكميم أفواهنا، فلهم نقول لا يمكن لأحد انتزاع منا حق الإضراب المقدس".

الوحدة النقابية في مواجهة محاولات التقسيم: 
"هيئة التنسيق النقابية واحدة، مطالبها واحدة وشعاراتها واحدة دخلت إلى هذه المعركة النضالية والنقابية موحدة وستبقى موحدة" هكذا بدأ النقابي محمد قاسم كلمته اليوم، وذلك للتأكيد على أن من يراهن على فصل الجسم الإداري عن الجسم التعليمي فهو واهم. ويقول وليد ضو أن "هذه المظاهرة ستشكل ضغطا على الحكومة لكونها قوة نقابية عابرة للانقسامات الطائفية والسياسية وتستطيع مواجهة  الحكومة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي". فالتخوف الأبرز للسلطة، على الأقل هذا ما يُفهم من تصريحات وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس الذي عبر فيها عن نية لفصل سلسلة رتب الإداريين عن المعلمين، هو من هذه الوحدة النقابية الوازنة والعابرة للطوائف في آن، لذلك فهي تسعى بشكل دؤوب لكن فاشل بحسب العديد من النقابيين إلى شق هيئة التنسيق النقابي. ويقول قاسم في هذا الإطار أن: "الموظفين الذين خرجوا إلى الشارع اليوم لن يعودوا إلى إداراتهم خاليي الوفاض، فنحن متحدون وقادمون سوية على موجة جديدة من التصعيد إن استمرت الحكومة في تجاهلها لمطالبنا".
‫كذلك لم يغب الطلاب والطالبات عن مظاهرة اليوم، وأكد أحدهم في كلمة ألقاها أن الطلاب يقفون إلى جانب أساتذتهم في هذه المعركة ودعا الحكومة إلى التجاوب مع مطالب المعلمين والموظفين وإلا فسيتحركون عبر تنظيم اعتصامات أخرى أمام السراي الحكومي.

0 comments:



Copyright 2008| FARFAHINNE is powered by Blogger and K2 Beta Two by يساري مصري.
RSS Entries and RSS Comments