المرصد- فرح قبيسي


هل نحن قادمون على مرحلة تصاعد الحراك العمالي في لبنان؟ هل ممكن أن تستعيد النقابات دورها الريادي في الدفاع عن مصالح الـ99% بوجه الـ1% من محتكري الثروات والرأسمال؟ هل ممكن فعلا أن نشهد بداية تأسيس نقابات مستقلة، فتتدحرج ككرة الثلج لتشكل حركة نقابية قوامها الديمقراطية والاستقلالية والفعالية؟ لم لا، إن كان ما يسمى بـ "المعارضة النقابية" جدية في مسعاها لإيجاد "حركة نقابية مستقلة"؟
فقد نظم الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين وبالتعاون مع مكتب الأنشطة العمالية في منظمة العمل الدولية من 12 إلى 14 تشرين الأول ورشة عمل تحت عنوان: "من أجل حركة نقابية مستقلة".
وعلى مدار 3 أيام ناقش الحاضرون من ممثلي اتحادات ونقابات، تحديات وفرص نشوء هكذا حركة. واللافت انضمام وجوه نقابية شابة وجديدة نجحت حديثا بتأسيس نقابات كنقابة العاملينفي "سبينيس"، أو خاضت تجارب عمالية نضالية كالعمال المياومين في مؤسسةكهرباء لبنان وعمال شركةA-build  وغيرهم. إلا أن الثابت بقي قلة عدد النقابيات. وهذا الموضوع بالتحديد، أي آليات إشراك العاملات في العمل النقابي بقي خارج إطار البحث علما أنه يبقى أحد أبرز التحديات التي يجب على أي حركة نقابية ديمقراطية ومستقلة التصدي لها.
وصدر عن هذه الورشة بالذات نداء لعاملات وعمال لبنان إلى المبادرة لإنشاء نقاباتهم المستقلة فلا حركة نقابية من دون قواعد عمالية. ولم يغب عن بال الحاضرين ضرورة تحرير إرادة العاملين من القيود الإدارية والسياسية التي تمنعهم من بناء منظماتهم النقابية الحرة والمستقلة التي تعبر وحدها عن مصالحهم وتدافع عنها.
إلا أن أهمية الورشة تكمن بإجماع الحاضرين، وبشكل علني، على أن الاتحاد العمالي العام لم يعد بممثل حقيقي لمصالح الطبقة العاملة في لبنان، وهو بهذا المعنى غير مستقل لا بل أن إرادته مصادرة من قبل أحزاب السلطة. وعلى الرغم من أن "البديل النقابي" يشوبه العديد من المشاكل على صعيد هياكله وآليات عمله وبرامجه وغياب إستراتيجية واضحة للاستقطاب العمالي، إلا أن الورشة شكلت مناسبة للنقد الذاتي ومحاولة للخروج باقتراحات عملية على طريق تشكيل حركة نقابية مستقلة، وانعكس ذلك بالتوصيات الختامية التي كان أبرزها:
أولا، تأكيد الحاضرين على رفض الدور الذي يقوم به الاتحاد العمالي العام وعدم شرعية ما يتفق بشأنه مع أطراف السلطة وأصحاب العمل. ثانيا، دعوتهم لكافة العاملين بأجر إلى المبادرة إلى تشكيل نقاباتهم المستقلة والديمقراطية في منشآتهم وقطاعاتهم. ثالثا، دعوة الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين إلى الخروج من دوامة التردد في ما خص علاقته بالإتحاد العمالي العام وإلى لعب دور فعال بإنشاء مركز نقابي وديمقراطي ومستقل يعبر عن مصالح العمال والأجراء وكافة الفئات الشعبية مع ما يتطلبه ذلك من "نفضة داخلية". رابعا، دعوة الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي إلى المبادرة فورًا بالتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 والمتعلقة بحرية التنظيم النقابي وكل الاتفاقيات ذات الصلة، دون تحفظ، وبالأخص إقرار حق التنظيم النقابي للعاملين في القطاع العام. خامسا، الشروع في تأهيل الكوادر النقابية الشابة وتمرير الخبرة والقيادة عبر إقرار الآليات الديمقراطية في العمل النقابي وانبثاق القرارات من القواعد العمالية. سادسا، دعوة جميع المنظمات العمالية إلى الانفتاح على جميع الفئات العمالية في لبنان من عاملين في القطاع العام، العمال المياومين، العاملين النظاميين في القطاع الخاص، العاملين غير النظاميين في القطاع الخاص والعمال الأجانب والمهاجرين من أجل تبني مطالبهم وتنظيمهم والتشبيك في ما بينهم والعمل المشترك في إطار التضامن العمالي الواسع.
ولا شك أن الحاجة أصبحت ماسة إلى حراك نقابي مستقل قادر على خوض معارك مطلبية على قاعدة برنامج اقتصادي واجتماعي يتناسب ومصالح الأجراء في لبنان. خاصة في ظل انقضاض الطبقة المسيطرة على ما تبقى من حقوق مكتسبة للعمال. واستمرارها بنهج اقتصادي يؤدي إلى هجرة 40 ألف شاب وشابة سنويا، وأوصل نسبة البطالة إلى الـ12% وحرم أكثر من 60% من العاملين من الغطاء صحي والاجتماعي، ووضع 28% من اللبنانيين على الخط الأعلى للفقر بحسب  ما أفاد الوزير السابق شربل نحاس الذي شارك في الورشة.
هذا وعلى أي حركة نقابية أن تستخلص العبر من تجربة الاتحاد العمالي العام حسب الباحث حسان حمدان. عبر الابتعاد عن "النهج التسووي" أي "القبول بفتات ما تلقيه السلطة". وعبر خلق هيكلية نقابية ديمقراطية. ذلك أن البنية التنظيمية الداخلية غير الديمقراطية للإتحاد العمالي العام وافتقاره إلى التمثيل القاعدي أفقده قراره المستقل. فلا يغيب عن أحد أن قرارات الإتحاد لا تنبع من العمال لا بل إنها لا تعبر عن مصالحهم. فكم من إضراب أعلن وتم التراجع عنه في أنصاف الليالي والعمال نيام؟!
أخيرا، برزت في السنتين الأخيرتين احتجاجات عمالية لعل أبرزها إضراب التسعون يوما لعمال مؤسسة الكهرباء وتأسيس النقابة المستقلة للعاملين في سبينيس. كما شكل خروج موظفي الإدارة العامة إلى الشارع معتصمين ومضربين سابقة تاريخية. هذا وتزداد روابط الأساتذة والمعلمين نضالية وتنظيما... مما يشكل بوادر لنشأة حراك نقابي جدي. إلا أنه هنالك الكثير ليبذل من أجل خلق قواعد وتشكيل لجان نقابية في المنشآت وتأسيس نقابات في كل القطاعات خاصة في القطاع الخاص حيث العدد الأكبر من الأجراء وممن ليس لديهم أي تمثيل نقابي.  


2 comments:

  1. Entruempelung wien said...

    ممتاز ... ممتاز .. ممتاز جدااً
    Entruempelung
    Entruempelung wien
    Wohnungsraeumung

  2. ربح من النت said...

    شكراّ ع الموضوع :)



Copyright 2008| FARFAHINNE is powered by Blogger and K2 Beta Two by يساري مصري.
RSS Entries and RSS Comments