Letter from a Leftist Citizen to Hassan Nassrallah رسالة من مواطن يساري إلى الأمين العام لحزب الله
Posted by Farfahinne at 10:33 AMكميل داغر
قد أكون تأخرت قليلاً في كتابة هذه الرسالة، ليس فقط لأنه مر على الكلمة التي ألقيتموها في الذكرى الثامنة للتحرير أكثر من أسبوعين ـــــ وهي الكلمة التي زادتني قناعة بضرورة مخاطبتكم ـــــ بل أيضاً لأن الأفكار والمواقف الأساسية فيها كانت قد وردت، سابقاً، في مناسبات عديدة لظهوركم في وسائل الإعلام، وحركت لديّ في حينها الشعور بالضرورة عينها.
حسناً، متأخراً أفضل من أبداً، كما يقول المثل الأجنبي المعروف!
أما لماذا؟ فلأن الحزب الذي تقودون بات يضطلع بوظيفة طاغية في حياة بلدنا. وهو عدا مسألة المقاومة الوطنية المسلحة التي تنحصر به منذ أكثر من خمسة عشر عاماً تقريباً، يمارس منذ سنوات طويلة دوراً مؤثراً جداً، ويزداد تأثيراً باطّراد، في السلطة السياسية لهذا البلد.
وأما من أي موقع؟ فمن موقع المواطن الفرد المهتم كغيره بمصير وطنه، ومصير أبناء هذا الوطن على اختلافهم، بلا ريب. ولكن أيضاً من موقع تيار بين هؤلاء ينتمي، في قناعاته الفكرية وتوجهاته السياسية والبرنامجية، إلى اليسار. ولمزيد من الدقة، إلى اليسار الثوري.
ولأجل ذلك، لن أجد حرجاً في التحدث ابتداءً من هنا بصيغة الجمع، لأقول إن الآراء والأفكار التي سترد في ما يلي تنطلق، قبل كل شيء وفوق كل شيء، من الحرص على استمرار المقاومة، وعلى فعالية هذه المقاومة، وعلى قدرتها على الاضطلاع بالمهمات الجسام المفترض أن تضطلع بها. فنحن، على الرغم من الجوانب الخلافية الجوهرية التي تميزنا من حزبكم ــ ولا سيما على الصعيد الأيديولوجي، ولكن أيضاً في ما يخص تصوراتنا البرنامجية، في السياسة كما الاقتصاد، كما على المستوى الاجتماعي ــ نعتبر دوركم المقاوم بالغ الأهمية والضرورة، ليس فقط محلياً، بل كذلك على المستويين الإقليمي والدولي؛ وخصوصاً من حيث هو يطرح، بشكل أو بآخر، مسألة وجود دولة إسرائيل، بواقعها العدواني الحالي، على المحك، وينطوي بالتالي على تصور ضمني أساسي مفاده أن المعركة مع هذه الدولة هي معركة طويلة الأمد، ومعركة شعوب قبل كل شيء لا معركة أنظمة، مع ما يعنيه ذلك من حاجة قصوى إلى عدم الاعتماد على جيوش هذه الأنظمة في التصدي لنزعة إسرائيل العدوانية، والتعويل، على العكس، على مقاومات شعبية في إنهاء غطرستها وعدوانها.
وفي سياق تصور كهذا، لا بد من التشديد على مسلّمات ثلاث هي التالية:
وهو اتفاق، أخيراً، إذا كان قد نجح في شيء ففي دفع البلد خمسين سنة إلى الوراء، ولا سيما في ما يتعلق بتصوّره لقانون انتخابات وصفتموه، في خطابكم في ذكرى التحرير، بأنه قانون تسوية بين أفرقاء يريدون إخراج «لبنان من أزمته»!! قبل أن تعودوا فتطرحوا على الفريق الآخر مساومة أخرى تسلّمون له عبرها بمقاليد الإعمار مقابل أن يسلّم لكم ببقاء... المقاومة!
2 ـ وهذا يعني، تالياً، رفض قصر وظيفة هذا السلاح على تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، أو وضع هذه المزارع والتلال ــ كما يستشف من المشروع الذي تتداوله الإدارة الأميركية حالياً ويشاع أن كوندوليزا رايس ناقشته مع مسؤولين لبنانيين في زيارتها الأخيرة ــ تحت إشراف الأمم المتحدة، تمهيداً لبت وضعها لاحقاً. فهذا السلاح يفترض أن ترتبط وظيفته الأساسية بالدفاع عن لبنان وأرضه وجوّه ومياهه، وفي الوقت عينه عن ممارسة الشعب الفلسطيني، ومن ضمنه الجزء منه المقيم على الأرض اللبنانية، حقه في العودة إلى الأماكن التي هُجّر منها في فلسطين التاريخية، عام 1948 وما بعده، وفي تقرير مصيره فوقها بالكامل وبحرية تامة. 3 ــ اعتبار أن اليسار اللبناني ــ الذي كان السبّاق إلى إطلاق المقاومة الوطنية في أيلول 1982، وتقديم أفواج غفيرة من الشهداء، في مسيرة دحر الاحتلال الصهيوني التدريجي عن الجزء الأكبر من الأرض اللبنانية، والذي تضافرت ظروف وقوى محلية وإقليمية شتى للحيلولة دون استمرار دوره هذا ــ يُفترض أن يستعيد هذا الدور، وذلك بالفهم الذي حددناه أعلاه. وهو مدعو إلى اكتشاف أشكال انخراطه مجدداً في هذه المقاومة بشتى أوجهها، العسكرية كما المدنية، بما يخدم الأهداف المنّوه بها، في الوقت عينه الذي قد يتمكن خلاله من الإسهام في التخفيف من الطابع المذهبي البحت للمقاومة الراهنة، وإعادة إضفاء الطابع الوطني الشامل عليها، كشرط أساسي لحمايتها من الفخاخ القاتلة للواقع السياسي اللبناني؛ ولكن أيضاً بما يسهّل تجاوز الأزمات الخانقة التي لا ينفك يعيشها البلد بسبب استمرار البنى الطائفية المتحجرة التي تحول إلى الآن دون تطوره الديموقراطي العلماني، وتجعله عرضة بلا انقطاع لاحتمالات الغرق في دوامة الحروب الأهلية، وفي أفضل الأحوال النزاعات العسكرية المحدودة، التي تنتهي دائماً بتسويات طائفية بائسة مؤقتة، على شاكلة اتفاق الدوحة الأخير. وهو اتفاق يطل منذ الآن على مآزق وأبواب مسدودة، كما بات واضحاً، ويتلازم مع «حروب» بدأت صغيرة، كتلك التي حصلت في الفترة الأخيرة في البقاع الأوسط، ولكنها تهدد بالتوسع، لاحقاً، اتفاق يكشف إلى أي حد باتت الغلبة معه للخطاب المذهبي والطائفي، لدى شتى أطراف الشريحة السياسية المنخرطة فيه، ومن ضمنها الطرف المتحالف معكم، والذي كان قد حاول بعد عودة الجنرال عون، زعيمه، ارتداء ملابس وطنية علمانية، لينخرط بعدئذ في خطاب طائفي بائس، محركاً زوابع الطائفيين من شتى الاتجاهات، كما يحصل الآن بعد إثارته مشكلة صلاحيات رئاسة الوزراء! 1 ــ نحن لا نتفق إطلاقاً مع القائلين «بعدم تحميل لبنان أكثر مما يستطيع تحمّله»، بحسب الرأي الذي يدافع عنه الدعاة الضمنيون للسلام غير المشروط مع الدولة الصهيونية، والمرتاحون إلى المواقف الانهزامية والمستسلمة لدى الأنظمة العربية. على العكس، نعتقد أن للبنان دوراً ريادياً في المنطقة العربية ككل، بما هو البلد الوحيد الذي أجبر إسرائيل على الانسحاب من دون قيد أو شرط من أراضيه المحتلة، وفي الوقت نفسه بما هو البلد العربي الوحيد أيضاً الذي لا يزال أبناؤه يفرضون فيه مناخاً من الحريات الديموقراطية لا تعرفه البلدان العربية الأخرى، مع ما يمكن أن يتيح ذلك من وظيفة محتملة قد يتمكن من أدائها لاحقاً في خدمة منظور تحرر الوطن العربي من الهيمنة الإمبريالية على ثرواته، وتجاوز التجزئة الاستعمارية الطويلة الأمد إلى وحدة حقيقية. وهو الأمر الذي يكون وارداً بمقدار ما يتمكن هذا البلد من حماية حرياته، من جهة، وحفاظه، من جهة أخرى، على سلاحه المقاوم
قد أكون تأخرت قليلاً في كتابة هذه الرسالة، ليس فقط لأنه مر على الكلمة التي ألقيتموها في الذكرى الثامنة للتحرير أكثر من أسبوعين ـــــ وهي الكلمة التي زادتني قناعة بضرورة مخاطبتكم ـــــ بل أيضاً لأن الأفكار والمواقف الأساسية فيها كانت قد وردت، سابقاً، في مناسبات عديدة لظهوركم في وسائل الإعلام، وحركت لديّ في حينها الشعور بالضرورة عينها.
حسناً، متأخراً أفضل من أبداً، كما يقول المثل الأجنبي المعروف!
أما لماذا؟ فلأن الحزب الذي تقودون بات يضطلع بوظيفة طاغية في حياة بلدنا. وهو عدا مسألة المقاومة الوطنية المسلحة التي تنحصر به منذ أكثر من خمسة عشر عاماً تقريباً، يمارس منذ سنوات طويلة دوراً مؤثراً جداً، ويزداد تأثيراً باطّراد، في السلطة السياسية لهذا البلد.
وأما من أي موقع؟ فمن موقع المواطن الفرد المهتم كغيره بمصير وطنه، ومصير أبناء هذا الوطن على اختلافهم، بلا ريب. ولكن أيضاً من موقع تيار بين هؤلاء ينتمي، في قناعاته الفكرية وتوجهاته السياسية والبرنامجية، إلى اليسار. ولمزيد من الدقة، إلى اليسار الثوري.
ولأجل ذلك، لن أجد حرجاً في التحدث ابتداءً من هنا بصيغة الجمع، لأقول إن الآراء والأفكار التي سترد في ما يلي تنطلق، قبل كل شيء وفوق كل شيء، من الحرص على استمرار المقاومة، وعلى فعالية هذه المقاومة، وعلى قدرتها على الاضطلاع بالمهمات الجسام المفترض أن تضطلع بها. فنحن، على الرغم من الجوانب الخلافية الجوهرية التي تميزنا من حزبكم ــ ولا سيما على الصعيد الأيديولوجي، ولكن أيضاً في ما يخص تصوراتنا البرنامجية، في السياسة كما الاقتصاد، كما على المستوى الاجتماعي ــ نعتبر دوركم المقاوم بالغ الأهمية والضرورة، ليس فقط محلياً، بل كذلك على المستويين الإقليمي والدولي؛ وخصوصاً من حيث هو يطرح، بشكل أو بآخر، مسألة وجود دولة إسرائيل، بواقعها العدواني الحالي، على المحك، وينطوي بالتالي على تصور ضمني أساسي مفاده أن المعركة مع هذه الدولة هي معركة طويلة الأمد، ومعركة شعوب قبل كل شيء لا معركة أنظمة، مع ما يعنيه ذلك من حاجة قصوى إلى عدم الاعتماد على جيوش هذه الأنظمة في التصدي لنزعة إسرائيل العدوانية، والتعويل، على العكس، على مقاومات شعبية في إنهاء غطرستها وعدوانها.
وفي سياق تصور كهذا، لا بد من التشديد على مسلّمات ثلاث هي التالية:
وهو اتفاق، أخيراً، إذا كان قد نجح في شيء ففي دفع البلد خمسين سنة إلى الوراء، ولا سيما في ما يتعلق بتصوّره لقانون انتخابات وصفتموه، في خطابكم في ذكرى التحرير، بأنه قانون تسوية بين أفرقاء يريدون إخراج «لبنان من أزمته»!! قبل أن تعودوا فتطرحوا على الفريق الآخر مساومة أخرى تسلّمون له عبرها بمقاليد الإعمار مقابل أن يسلّم لكم ببقاء... المقاومة!
2 ـ وهذا يعني، تالياً، رفض قصر وظيفة هذا السلاح على تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، أو وضع هذه المزارع والتلال ــ كما يستشف من المشروع الذي تتداوله الإدارة الأميركية حالياً ويشاع أن كوندوليزا رايس ناقشته مع مسؤولين لبنانيين في زيارتها الأخيرة ــ تحت إشراف الأمم المتحدة، تمهيداً لبت وضعها لاحقاً. فهذا السلاح يفترض أن ترتبط وظيفته الأساسية بالدفاع عن لبنان وأرضه وجوّه ومياهه، وفي الوقت عينه عن ممارسة الشعب الفلسطيني، ومن ضمنه الجزء منه المقيم على الأرض اللبنانية، حقه في العودة إلى الأماكن التي هُجّر منها في فلسطين التاريخية، عام 1948 وما بعده، وفي تقرير مصيره فوقها بالكامل وبحرية تامة. 3 ــ اعتبار أن اليسار اللبناني ــ الذي كان السبّاق إلى إطلاق المقاومة الوطنية في أيلول 1982، وتقديم أفواج غفيرة من الشهداء، في مسيرة دحر الاحتلال الصهيوني التدريجي عن الجزء الأكبر من الأرض اللبنانية، والذي تضافرت ظروف وقوى محلية وإقليمية شتى للحيلولة دون استمرار دوره هذا ــ يُفترض أن يستعيد هذا الدور، وذلك بالفهم الذي حددناه أعلاه. وهو مدعو إلى اكتشاف أشكال انخراطه مجدداً في هذه المقاومة بشتى أوجهها، العسكرية كما المدنية، بما يخدم الأهداف المنّوه بها، في الوقت عينه الذي قد يتمكن خلاله من الإسهام في التخفيف من الطابع المذهبي البحت للمقاومة الراهنة، وإعادة إضفاء الطابع الوطني الشامل عليها، كشرط أساسي لحمايتها من الفخاخ القاتلة للواقع السياسي اللبناني؛ ولكن أيضاً بما يسهّل تجاوز الأزمات الخانقة التي لا ينفك يعيشها البلد بسبب استمرار البنى الطائفية المتحجرة التي تحول إلى الآن دون تطوره الديموقراطي العلماني، وتجعله عرضة بلا انقطاع لاحتمالات الغرق في دوامة الحروب الأهلية، وفي أفضل الأحوال النزاعات العسكرية المحدودة، التي تنتهي دائماً بتسويات طائفية بائسة مؤقتة، على شاكلة اتفاق الدوحة الأخير. وهو اتفاق يطل منذ الآن على مآزق وأبواب مسدودة، كما بات واضحاً، ويتلازم مع «حروب» بدأت صغيرة، كتلك التي حصلت في الفترة الأخيرة في البقاع الأوسط، ولكنها تهدد بالتوسع، لاحقاً، اتفاق يكشف إلى أي حد باتت الغلبة معه للخطاب المذهبي والطائفي، لدى شتى أطراف الشريحة السياسية المنخرطة فيه، ومن ضمنها الطرف المتحالف معكم، والذي كان قد حاول بعد عودة الجنرال عون، زعيمه، ارتداء ملابس وطنية علمانية، لينخرط بعدئذ في خطاب طائفي بائس، محركاً زوابع الطائفيين من شتى الاتجاهات، كما يحصل الآن بعد إثارته مشكلة صلاحيات رئاسة الوزراء! 1 ــ نحن لا نتفق إطلاقاً مع القائلين «بعدم تحميل لبنان أكثر مما يستطيع تحمّله»، بحسب الرأي الذي يدافع عنه الدعاة الضمنيون للسلام غير المشروط مع الدولة الصهيونية، والمرتاحون إلى المواقف الانهزامية والمستسلمة لدى الأنظمة العربية. على العكس، نعتقد أن للبنان دوراً ريادياً في المنطقة العربية ككل، بما هو البلد الوحيد الذي أجبر إسرائيل على الانسحاب من دون قيد أو شرط من أراضيه المحتلة، وفي الوقت نفسه بما هو البلد العربي الوحيد أيضاً الذي لا يزال أبناؤه يفرضون فيه مناخاً من الحريات الديموقراطية لا تعرفه البلدان العربية الأخرى، مع ما يمكن أن يتيح ذلك من وظيفة محتملة قد يتمكن من أدائها لاحقاً في خدمة منظور تحرر الوطن العربي من الهيمنة الإمبريالية على ثرواته، وتجاوز التجزئة الاستعمارية الطويلة الأمد إلى وحدة حقيقية. وهو الأمر الذي يكون وارداً بمقدار ما يتمكن هذا البلد من حماية حرياته، من جهة، وحفاظه، من جهة أخرى، على سلاحه المقاوم
click here to continue reading the article .
0 comments:
Subscribe to:
Post Comments (Atom)