ما يجري اليوم في لبنان هو نتيجة مباشرة وان كانت متأخرة لسياسات التوسع الامبريالية الأميركية في المنطقة، فالسياسة الأميركية تقوم إما على إخضاع الدول والشعوب تحت سيطرتها العسكرية المباشرة أو من خلال إنتاج أنظمة تابعة. حكومة السنيورة وتحالف السلطة يقعان في هذه الخانة، هم يمثلون المصالح المباشرة للامبريالية الأميركية والفرنسية، وكان الأجدى بقوى السلطة أن تأخذ مكتباً لها في السفارة الأميركية بدل أن تكلّف خزينة الدولة - وهي أموال الشعب - ثمن المواصلات وثمن عمالتها.
الحكومة الحالية أصبحت خارج الواقع والقراران الأخيران بشأن شبكة اتصالات المقاومة كانا آخر المغامرات التي كانت سوف تؤدي إلى نقل الحرب الأميركية على المقاومة إلى داخل الشارع اللبناني. كان القراران تعبيراً مباشراً عن السياسة الإسرائيلية والأميركية التي سعت إلى تدمير المقاومة منذ نشوئها كحركة وتدمير بنيتها التحتية وقدرتها على الصمود والدفاع. كما أرادوا من هذين القرارين وضع الجيش والقضاء في مواجهة المقاومة بينما هناك إجماع شعبي على بقائها وأهميتها في حماية البلاد من العدوان.
الحكومة هي من أدخل منطق الحرب على السياسة الداخلية في لبنان، ولذا عليها اليوم أن تستقيل، ليس فقط بسبب القرارين، بل لأنها حتى اليوم فشلت على كل الصعد في إدارة البلاد، من السياسة الخارجية والداخلية إلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وفشلت في تمثيل إرادة الناس وطموحاتهم، وفشلت من حماية البلاد من المغامرات الأميركية في المنطقة.
ففي حرب تموز قامت الحكومة بقطع المساعدات عن النازحين وجاهرت بتحالفها مع صانعي الحرب والاحتلال من البيت الأبيض إلى الرياض. أمّا في نهر البارد، فأدخلت البلد في حرب كانت نتيجة مباشرة لمغامراتها الاستخبراتية والأمنية، أدخلت البلاد في حرب عنصرية أدت إلى تهجير أكثر من ثلاثين ألف مدني فلسطيني وتدمير المخيم بالكامل.
أما في الاقتصاد، فحدّث ولا حرج. سياسات التجويع والإفقار التي اعتمدتها الحكومة منذ أول يوم لها في الحكم تضرب قدرة الناس على الحياة. فسياسة السلطة واضحة وهي تعتمد على ركيزتين، سحب الأموال من جيوب الناس والفقراء ووضعها في جيوب أصحاب المصارف والأموال، وهذا كله تحت ذريعة الدين العام. فإن كان الدين العام هو الثقل الأكبر على الاقتصاد، وهو في معظمه داخلي، فلماذا لا يتم إلغاؤه؟ أم أن الالتزام ببناء البلد هو فقط على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود؟
لقد سقطت هذه الحكومة لأنها لم تقدّم حتى أبسط الإجراءات في حماية لقمة العيش. فمنذ العام 1996 حتى اليوم، أي بعد 12 سنة، ما زال الحد الأدنى للأجور كما هو، وما زالت الكهرباء مقطوعة عن كثير من المناطق اللبنانية، والمياه بدأت تشح، ولم تقوم الحكومة حتى بإجراءات وقائية بسيطة من أجل حماية الموارد الأساسية للناس. يقولون أنه ليس هناك المال الكافي، بينما يستطيعون أن يجدوا المال بلحظات إن أرادوا أن يزيدوا التجهيزات الأمنية الخاصة بهم، يستطيعون الإتيان بالمال خلال ساعات، إن كان ذلك من أجل أمنهم أو راحتهم أو استقرارهم. والوضع ما زال يتدهور، بينما همهم الوحيد هو الدولة. ما نفع دولة إن كانت لا تخدم شعبها؟ (...)
read the full statement by clicking on the poster bellow