( في الوسط: كريم البحيري - مصر- مؤتمر أيام إشتراكية- december 2007. By Farfahinne)

جريدة البديل
كتب: هشام فؤاد

في الوقت الذي يستعد فيه عمال مصر للاحتفال بعيدهم تستعد السلطات المصرية للاحتفال علي طريقتها الخاصة، إذ إنها لم تكتف بالخطاب السنوي المعتاد للرئيس مبارك، والمقرر علينا في الأول من مايو من كل عام، بل قررت استخدام قانون الطوارئ سيئ السمعة، وأصدرت أوامر اعتقال بحق ثلاث من القيادات العمالية بشركة غزل المحلة،هم: كمال الفيومي، وكريم البحيري، وطارق أمين، علي خلفية المظاهرات التي شهدتها المدينة يومي 6و7 أبريل الجاري. وأوامر الاعتقال التي صدرت بحق عمال المحلة، هي الأولي من نوعها منذ إضراب كفر الدوار عام 94، فالعمال المحتجون دوما ما كانوا يقدمون إلي محاكمات تنتهي بالإفراج عنهم علي يد قضاء مصر العادل، لكن يبدو أن الدولة أرادت إرسال رسالة إلي كل العمال المنتفضين من أجل لقمة عيشهم، وفي مقدمتهم عمال المحلة.. علهم يخافون ! واليوم.. وبينما يتهيأ مبارك لإلقاء خطبته عن رعاية الدولة العمال، وسعيها الجبار من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية، يقبع عمال المحلة الثلاثة في سجن برج العرب... وتتمثل تهمتهم في نضالهم من أجل انتزاع حقهم وحق كل الكادحين في نصيب عادل من ثروة بلادهم عبر رفع الحد الأدني للأجور إلي 1200 جنيه، وتثبيت الأسعار، وعودة الدعم. أول الثلاثة.. هو كمال الفيومي.. مؤذن اضرابات المحلة.. الفيومي في الثالثة والأربعين من عمره.. تشرفت بمعرفته أثناء تغطيتي الإضراب الأخير للمحلة.. الابتسامة لا تفارق وجهه أبدا.. لم يكن مشغولا فقط بهموم عمال المحلة، ولكن قضايا فلسطين والعراق.. واضطهاد الفقراء كانت دوما تشغله.. ويشغله دوما سبيل التضامن مع أبطال غزة، ومساعدة إخوانه المقاومين في العراق. وللشيخ كمال ، كما يحب أن ينادي، قصص تستحق أن تروي فهو بطل إضراب النبلاء.. وبالرغم من أنه شارك بفاعلية في قيادة إضرابات المحلة السابقة، وكان أحد المفاوضين الرئيسيين عن العمال مع المسئولين، فإنه رفض أن يوقف محطة الكهرباء التي يعمل بها أثناء الإضراب، لأنها ببساطة تزود المستشفي بالكهرباء الذي يعالج بها آلاف المرضي. هو.. من قال «لا» في وجه من قالوا «نعم»، فعندما اجتمع حسين مجاور رئيس اتحاد عمال مصر مع عدد من قيادات المحلة في 30 مارس الماضي لكي يجبرهم علي التوقيع علي إقرار يفيد أنهم ضد الإضراب، وسيعملون بكل الطرق لإجهاضه.! رفض الشيخ كمال أن يوقع علي اتفاقية «العار»، كما وصفها، ووقف في عقر دار الاتحاد الحكومي ليهاجم سياسات الحكم وانحيازه للأغنياء، وليدافع عن حق العمال في أجور عادلة.. وقال: «عمال المحلة لن يتخلوا عن مطالبهم مهما كانت الظروف.. وإذا قرر العمال الإضراب فأنا معهم.. ومهما كانت العواقب». الكلام لم يعجب حسين مجاور بالطبع، وأشار إلي أن الفيومي سيدفع ثمن موقفه، فكان اعتقال كمال الفيومي في السادس من أبريل، ولكن ما لم يدركه مجاور أن الفيومي من عينة أخري من البشر لا تباع، وأنه علي أتم الاستعداد لكي يضحي بنفسه، وليس بحريته فقط، من أجل ما يؤمن به. وثاني عمالنا هو كريم البحيري.. ذو الخمسة والعشرين عاما.. وصاحب مدونة «عمال مصر» الشهيرة.. كريم يناضل مع المظلومين في كل مكان، يرصد ويصور ويكتب وينشر في مدونته.. في الشركة، كما رأيته، كريم جريء يهتف دوما «يسقط الظلم.. يسقط الظالم».. و«الإضراب مشروع مشروع.. ضد الفقر وضد الجوع»، كاميرا تليفونه المحمول ترعب خصومه، وتكشف جرائمهم للعالم كله.. كريم الذي مارس أيضا العمل الصحفي في جريدة «البديل» وغيرها كتب علي بوابة مدونته عبارة «ما استحق أن يحيا من عاش لنفسه فقط». شاب بهذه الحيوية والجرأة كان لابد من اعتقاله لكي تقوم أجهزة الداخلية بجرائمها المستمرة في المحلة، دونما محاولة مقاومة أو فضح... وما زال صوته يرن في أذني قبل اعتقاله مباشرة «يا هشام.. أنا محاصر.. أقوم بتصوير بلطجية الشرطة.. آمل أن أتمكن من أن أنقل ما أري للعالم كله». وكريم الذي طالما زود قراء مدونته الشهيرة بأخبار آخر الإضرابات والمظاهرات في مصر، ينتظر اليوم دعمهم وتضامنهم في محنته. أما طارق أمين، فهو مثال للعامل المصري الكادح الذي يخرج من بيته في السابعة صباحا ليعود في الحادية عشرة مساء ساعيا وراء لقمة عيش حلال، له بنات ثلاث صغار يستيقظن يوميا منذ اعتقاله ليبحثن عن الأب الغائب.. يبكين.. ويرفضن المذاكرة.. ودوما يتساءلن أين بابا؟ ولا تعرف زوجته المكافحة والعاملة أيضا بالشركة.. كيف تجيب، فهذه تجربة طارق الأولي مع الاعتقال. وتتساءل.. ونتساءل معها.. ما جريمة طارق الحقيقية؟ هل هي... أنه دافع عن حقنا في حياة كريمة في ظل الغلاء الفاحش؟.. هل جريمته أنه شارك مع آلاف العمال في إضرابات المحلة.. هل جريمته أنه خلع رداء السلبية، وقرر أن يخوض معركة توفير كوب لبن لكل طفل في مصر؟. الفرسان الثلاثة يقبعون خلف القضبان ينتظرون تضامن عمال مصر ومثقفيها لكي يواصلوا مسيرتهم مرة أخري في الكفاح ضد الاستغلال والاستبداد، بعد أن قاد عمال المحلة نضال الطبقة العاملة المصرية طيلة العامين الماضيين، وحققوا لها مكاسب عديدة. وأعتقد. ويعتقد كثيرون أن لأبطال المحلة ديناً كبيراً في أعناق كل الأحرار والشرفاء والكادحين في مصر والعالم.. وقد آن أوان تسديد الدين، فلن يكون عيد العمال عيدا حقيقيا، إلا وكمال وكريم وطارق أحرار
http://www.elbadeel.net/index2.php?option=com_content&task=view&id=17880&pop=1&page=0&Itemid=33

0 comments:



Copyright 2008| FARFAHINNE is powered by Blogger and K2 Beta Two by يساري مصري.
RSS Entries and RSS Comments