قضية فئة واسعة من العمالة التي تُنتهك حقوقها يوميا في إدارات الدولة والمصالح المستقلة والمؤسسات العامة. ولم تكن هذه القضية تحظى باهتمام سوى قلة من المتابعين المتخصصين، قبل الإضراب. إلا أنها تحولت مؤخرا إلى قضية رأي عام، يتداولها الإعلام وتناقش في الأوساط النقابية وتسبب أيضاً أزمة بين الحلفاء السياسيين بخاصة قبيل موسم الانتخابات النيابية إلخ.

هم عمال "مياومون" أو "غب الطلب" أو "عمال الفاتورة"، تختلف تسميتهم من مؤسسة إلى أخرى لكن وضعهم هو إياه هنا وهناك، مأساتهم لا تقف عند حد معين فهم يعملون بظروف وشروط أقرب إلى السخرة في ظل حرمان من أبسط الحقوق التي يتمتع بها العمال النظاميين، وفي ظل غياب الدعم النقابي في الغالب.
ويعود أصل المشكلة إلى السياسات الحكومية التي تم إتباعها منذ بداية التسعينيات والتي أنتجت فئة "المياومين" بسبب امتناعها عن التوظيف تحت ذرائع مختلفة مثل "ترشيق الإدارة" و"ترشيد الإنفاق". فعمدت إلى ملء الفراغ في الملاك الإداري والفني بالاستعانة بعمال مياومين بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر عبر ما يعرف بالـ"متعهدين". لكن، وبحسب ما اتضح، فقد أدت سياسة "الترشيق" و"الترشيد" التي اتبعتها الإدارة إلى تسخير العمال وحرمانهم من حقوقهم وضماناتهم الاجتماعية وتعويضاتهم وحقهم بديمومة عملهم مخالفة بذلك قانون العمل. وهنا نسأل، ما دامت هذه الإدارات والمؤسسات بحاجة لخدمات هؤلاء العمال، فلماذا لا يتم تثبيتهم، بخاصة إذا ما علمنا أنهم باتوا بحكم تجربتهم العملية على مدى سنوات طوال من الخدمة من ذوي الخبرات والمهارات؟
وواقع الأمر، أن عدد المياومين يبلغ عشرات الآلاف في ظل عدم وجود إحصاءات رسمية دقيقة. وهم يتوزعون على مختلف الإدارات الحكومية والشركات والمصالح من الكهرباء إلى المياه والضمان الاجتماعي والقطاع التربوي والإعلام والبلديات. ويعود غياب الرقم الفعلي إلى أن المياومين في غالبية المؤسسات كـ"مكتومي القيد"، لا يدرجون كعمال بشكل رسمي في جداول الإنفاق ويتم صرف رواتبهم في إطار الميزانية العامة المخصصة لكل مؤسسة أو قطاع، كما أنهم غير مسجلين في الضمان الاجتماعي ومن هنا تكمن صعوبة إحصائهم. لذا، نحاول في هذا التحقيق الإضاءة على أوضاع هذه الفئة وأعدادها في بعض المؤسسات والمصالح والإدارات على أمل أن تكون مقدمة لدراسة أوفى وأدق حول فئة من العمالة لا تتمتع بأدنى الحقوق المنصوص عليها في قانون العمل وتعيش بشكل مستمر بقلق على ديمومة عملها، محرومة من التعويضات وبدلات النقل ومنح التعليم والإجازات التي يستفيد منها الأجراء قانونا.
وفي هذا التحقيق، عمدنا إلى إجراء مقابلات مع عمال من مختلف القطاعات ومع نقابيين وباحثين وصحافيين،
فيما تعذر علينا مقابلة مدراء عامين إما لدواعي انشغالهم أو تهربا من اللقاء بعد معرفة موضوع البحث.
للمزيد الرجاء الضغط على الصورة


تحديث: تم إقرار مشروع قانون تثبيت العمال المياومين وجباة الإكراء في ملاك المؤسسة، في الجلسة  التشريعية لمجلس النواب التي إنعقدت البارحة. إلا أن العمال والجباة مستمرين في إضرابهم الى حين بدء العمل في القانون ونشره في الجريدة الرسمية   م 


0 comments:



Copyright 2008| FARFAHINNE is powered by Blogger and K2 Beta Two by يساري مصري.
RSS Entries and RSS Comments