أولا من ناحية الشكل
يقوم المنتدى بتهميش فئات كثيرة من النساء خاصة، والحرص على اختيار المدعوات بناء على معايير النفوذ والسلطة والثراء والشهرة، وذلك عن طريق فرض ضريبة 300$ على كل من ترغب بالحضور. وينتج عن هذا الأسلوب سوء تمثيل للنساء المعنفات الفقيرات، اللاجئات، العاطلات من العمل، المهمشات، العاملات الأجنبيات، ذوات الحاجات الخاصة، الناشطات الشابات، والعاملات بحد أدنى لا يتجاوز الخمسمئة ألف ليرة لبنانية.
وهنا نسأل:هل مستقبل المرأة العربية يكمن في تهميش الاخريات؟ ام في العمل على محو الاختلافات بينهن؟
ثانياً من ناحية المضمون
عدم إدراج موضوع العنف الأسري والاغتصاب الزوجي وحق المراة بمنح الجنسية لعائلتها من ضمن الأجندة المقررة، في وقت كانت ناشطات في بيروت نهار ١٤ كانون الثاني تمشين تحت المطر للمطالبة بهما.
كأولوية في قضايا المرأة في خلال السنوات الماضية. ويبدو واضحا أن الأجندة المقررة للمنتدى، تحرص على عدم تجاوز الخطوط الحمراء وترويج الخطاب التابع للحكومة واالسلطات الدينية والذي يسكت عمدا الاصوات الاخرى والعديدة والتي تتطالب اقرار القانون كما هو.
فعندما يتحدث “المنتدى” عن المرأة والاقتصاد، فانه يدعو سيدات الأعمال النافذات حصراً للحديث عن الإقتصاد، في وقت يهمش فيه قضايا النساء العاملات والعاطلات من العمل. كما نرى أن أي تغيير سياسي ديموقراطي في أي من الدول العربية، يجب ان يترافق مع نظام اقتصادي يرعى العدالة الاجتماعية، من أجل تحقيق أي تقدم في وضع المرأة. أما استبدال وجه سياسي بآخر مع الابقاء على المنظومة الاقتصادية الاستغلالية وحمايتها، فليس من شأنه سوى ابقاء الوضع على حاله تحت أسماء جديدة.
وبما أن المنتدى يتحدث عن المرأة والربيع العربي، فانه لا يستطيع ان يتجاهل أهمية التخلص من حكم العسكر والأنظمة الملكية الوراثية بما فيها الدول التي تمنع المرأة من حقوقها البديهية كقيادة السيارة. فنتمنى أن يستفيد المنتدى من وجود أصحاب المعالي والسمو والسيدات الأول لطرح القضايا بجرأة وصراحة.
أما بالنسبة لموضوع حضور المرأة في السياسة. فليست المشكلة فقط في انعدام الكوتا النسائية في الحكومة اللبنانية أو مجلس النواب، ولا في قلة عدد المناصب النافذة التي تشغلها نساء، بل ايضا في جوهر هذا النظام السياسي الطائفي الذي لن يسمح في أي يوم بأي تمثيل حقيقي وعادل وبخاصة للنساء. فهذا النظام يحرص على وضع قوانين قمعية ضد النساء تحديدا، تعرقل أي محاولة للتقدم أو تغيير الوضع المزري القائم، من قوانين الانتخاب والاحوال الشخصية والعقوبات والعمل. فهذه الدولة الطائفية تقبض على المرأة وعلى عائلتها بقبضة الأحزاب الطائفية والمؤسسات الدينية. لذلك يصعب علينا أن نتقبل شخصيات تمثل النظام الطائفي (خصوصا تلك التي ساهمت في تشويه القانون) كبعض ممن يرعى المنتدى، في ان تتحدث عن أي تغيير سياسي بالمطلق، وتحديدا عن تمثيل المرأة السياسي.
يختتم المنتدى بمسيرة تحت عنوان “سوا سوا” تنطلق من فندق “الفور سيزونز” حتى وسط البلد “تضامناً مع النساء العربيات” بحسب تعبير المنظمين. ولا نملك الا أن نتساءل: أي ربيع عربي هذا الذي سيزهر على حيوات النساء العربيات بين “الفور سيزونز” و”الداون تاون”؟ وماذا يعني “التضامن مع المرأة العربية”؟ وأليس هناك قضية واحدة تعني المرأة العربية تستحق رفعها كشعار لهذه المسيرة؟
كم كان من الرائع ان تذهب النسوة العرب مع امتيازاتهن ونفوذهن الى الاحياء الشعبية والمكتظة بالعاملات وخصوصا الاجنبيات منهن وذلك في مبادرة توحّد النساء في صراعهن اينما كن وكيفما كن!
من الواضح أن الأجندة المقررة بعيدة عن شؤون واهتمامات النساء بغالبيتهن الساحقة. باختصار، نحن كناشطات نسويات يافعات، وبعد أربع سنوات من التجربة مع هذا المنتدى، لا نرى فيه منبرا يمكن له أن يخرج بأي حلول أو مشاريع حلول، لأنه بنظرنا لا يزال عاجزا عن طرح قضايا النساء ومعالجتها بجدية وفقاً للأولويات. لذلك نتمنى للمنتدى في السنة المقبلة أن يكون أكثر شمولا لمختلف الفئات وأكثر عمقا في معالجة قضاياها.
“ناشطات نسويات”