منذ 26 أيلول 2010 أي منذ أسبوع كامل، يضرب الناشط الحقوقي السوداني، دكتور عبد المنعم موسى ابراهيم عن الطعام إحتجاجاً على الإعتقال التعسفي للاجئين سودانيين في مركز التوقيف التابع للأمن العام اللبناني.
هذه ليست المرة الأولى التي يضرب فيها لاجؤون عن الطعام في لبنان. ففي آذار الماضي عمد عدد من المحتجزين تعسفاً في مركز التوقيف الى الإضراب عن الطعام وتشطيب أنفسهم إحتجاجاً على المعاملة غيرالإنسانية التي يتم التعاطي معهم بها وقال بعضهم أنهم تعرضوا للتعذيب خلال فترات الإحتجاز. فعلى الرغم من أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كانت قد إعترفت بهؤلاء المحتجزين كلاجئين، إلا أنّ الأمن العام إحتجزهم بدون أي مبرر شرعي. غالباً ما يسعى الأمن العام، من خلال احتجازه اللاجئين بطريقة غير شرعية، ومعاملتهم بطريقة وحشية وغير إنسانية، لأن يدفعهم للتوقيع على أوراق ترحيلهم إلى مسقط رأسهم، على الرغم من قبولِهم كلاجئين، فالعرف الدولي يقضي بتقديم خدمة اللجوء إلى الهارب من بلد خاصة إذا كان من يعاني أزمة أمنية كالسودان أو العراق. إلا أن لبنان يعتمد معهم الحل الأسهل المتمثل بإعتقالهم أوترحيلهم على الرغم من خطورة هذا الترحيل على حياتهم. فهؤلاء اللاجئين يضطرون غالبا الى مغادرة بلدهم لدواعٍ أمنية (كالحرب) أو نتيجة إضطهادهم (لأسباب سياسية أو دينية أو عرقية أو غيرها)، وغالبا لا يكون اللجوء بالنسبة لهم خياراً سهلا.
إن الممارسات العنصرية التي يتعاطى بها الأمن العام مع الأجانب، خاصة السودانيين منهم، تدعونا الى عدم الركون الى الصمت بل الصراخ عاليا لوقفها. فمؤخرا أوقفت القوى الأمنية سودانيين بالقرب من الحدود اللبنانية – السورية في البقاع بتهمة الدخول خلسة وبطريقة غير شرعية، وبدل التأكد من ما إذا كانوا طالبي لجوء، عمدت هذه القوى الى التعامل معهم بطريقة غير إنسانية وبعيدة كل البعد عن المواثيق والأعراف الدولية التي تنص على احترام حقوق الإنسان. فقد تعرض الموقوفون للضرب المبرح على مرأى من الأهالي والإعلاميين، أثناء عملية توقيفهم وتبارى الامنيون، بحسب ما أوردت جريدة السفير، في إسماع صدى اللكمات إلى مسامع المواطنين الذين كانوا يبتعدون عن مسرح العملية مئات الأمتار.
وهي ليست المرة الأولى التي يتعرض لها السودانيون لهكذا ممارسات، فحادثة الأوزاعي مازالت طازجة في أذهاننا. فخلال حفل خيري أقامه نحو مئة من السودانيين يعود ريعه لطفلٍ مصاب بالسرطان، اقتحمت الحفل قوة مدججة بالأسلحة من الأمن اللبناني وانهالوا بالضرب على الحاضرين مع شتائم عنصرية يندى لها الجبين من ضمنها: "على الأرض يا حيوانات" وأُخرج السودانيون من صالة الأفراح إلى الطريق العام وهم مكبلون بالأصفاد، ثم أُمروا بالتمدد على الأرض، وداس الجنود بأحذيتهم على رؤوسهم ورقابهم مرددين عبارات من شاكلة: "صايرين تعرفوا تلبسوا تياب كمان يا بهايم"! بحسب ما نقلت جريدة الأخبار.
إن إضراب دكتور عبد المنعم اليوم يعيد تذكيرنا أن لبنان، ليس ببلد للحريات وللعدالة طالما أنه ينتهك حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء وطالما أنه يعتمد سياسات تمييزية لا بل عنصرية تجاههم وتجاه العمال والعاملات الأجانب.
لقد غذت السلطة اللبنانية السياسية والأمنية النزعة العنصرية تجاه الأجانب أكانوا عمالا\عاملات أو لاجئين، وقد نجحت الى حد ما أن تبني حاجزا بينهم وبين العمال والكادحين اللبنانيين، حتى أصبحنا نسمع عبارات من مثل "لماذا لا يعود هؤلاء إلى بلدهم؟" "إنهم يسرقون وظائفنا" وغيرها. هذه عبارات نسمعها من حولنا في البيت والمدرسة والجامعة ومكان العمل، وهي بالقطع عبارات تسهّل لجهاز الأمن أن يتمادى بتجاوزاته.
لكن فلنعلم أن الوقوف الى جانب السودانيين أو غيرهم من لاجئين وعمال وعاملات أجنبيات هو الطريق الوحيد لنيل حريتنا. لا يظن أي كادح لبناني أو مناضل من أجل الحرية الحقة والعدالة الحقة أن هذه معركة لا تعنيه.
معركتنا ضد العنصرية – ضد اضطهاد وقمع اخوتنا السودانيين – هي امتحان لنا. امتحان يكشف معدننا كمناضلين من أجل العدالة والحرية والمساواة.
وبالتالي نحن نحمل السلطة اللبنانية حكومة مجتمعة ووزير الداخلية خاصة، مسؤولية أي عارض صحي يطرأ على صحة الدكتور عبد المنعم. كما نطالب وزير الداخلية زياد بارود بتحمل مسؤولياته ومحاسبة المسؤولين عن تجاوزات الأمن العام تجاه اللاجئين المعتقلين تعسفا، وإلا فليستقل! كما نطالب بالإفراج الفوري عنهم.
التجمع اليساري من أجل التغيير- حركة مناهضة العنصرية- كلنا "في" الوطن