الرابط الخاص بالمقال موضوع التعليق
http://www.annahar.com/content.php?priority=3&table=makalat&type=makalat&day=Mon

ربيع فخري:

العنصرية كريهة وجرت العادة بأن ينبذ المجتمع الأفراد العنصريون، فلا أحد يصادق أفراداً وكتاباً ينشطون في الجبهة الوطنية في فرنسا ويتفادى الناس حتى مصافحة أعضاء من الحزب الوطني البريطاني وأحد لم يهنىء اليمين الهولندي المتطرف على تقدّمهم الملفت في الانتخابات الأخيرة.
وتجمع الأعراف الحقوقية المدنية على مقولة وأمّا العنصري فاذكروه، فالفرد منّا لا يدرك الأثر التمييزي لفعله إلا حين يخبره الآخر عمّا ينتج عن فعله من ظلم يستهدف فئة محددة من البشر، لا لأي سبب غير إنتمائها الإتني أو الديني أو الجنسي. حينها نعلم أن فعلنا هذا هو فعل عنصريٌ كريه يحولنا الى أفرادٍ كريهين... فإما ننبذه ونتراجع عنه وإما نبحث عن مبررات لوجودنا.
يمكن للمراقب ملاحظة بعض التشابه بين مكونات الخطاب العنصري الأوروبي وخطاب البعض من مستنكري تهمة العنصرية في لبنان، ففي حين يبرر المتطرفون اليمينيون كراهيتهم وعنصريتهم للآخر المختلف حيناً، بالحاجة الى المحافظة على وجه أوروبا الغربي غير المُسلِم نجد بين اللبنانيين من يبرر عدم منح الفلسطينيين حقوقاً مدنية بالتهويل بالتوطين وخطره على التوازن الديمغرافي ووجه لبنان التاريخي، ويستعمل التبرير نفسه لرفض خفض سن الإقتراع ومنح المرأة اللبنانية الحق باعطاء الجنسية لأبنائها. وفي أحيانٍ أخرى يدعي اليمين المتطرّف الأوروبي الدفاع عن مصالح السكان الأصليين، فيرفع شعار الوظائف الأوروبية للعمال الأوروبيين أو يشير الى العبىء المالي الذي تشكله الحقوق والضمانات الإجتماعية والإجتماعية للمهاجرين ، في حين يطفو على المستوى اللبناني من يشير الى عدم مقدرة الدولة على تحمّل النفقات المترتبة عن انصاف الفلسطينيين ويشددون على أولوية خلق فرص العمل للبناني للحدّ من هجرته. يدعو اليمين العنصري الى التضييق أكثر فأكثر على المهاجرين بغية تحفيزهم على الرحيل وفي لبنان ينظّر البعض الى أن تحسين شروط العيش للاجئين الفلسطينيين ستؤدي بهم الى رفض العودة الى وطنهم.
بالعودة للمقال موضوع التعليق، شكرأً حضرة النائبة نايلة تويني على إعترافك بحق الشعب الفلسطيني بأن ينعم " بحياة رفاه وطمأنينة لم تتوافر لهم في ارضهم ولا في الاراضي العربية حيث يقيمون"، لكن قدغاب عنكِ أمرٌ بسيط يا سيدتي، أن الأنظمة العربية التي ذكرتها (على الرغم من مساوئها) لا تحرم الفلسطيني من النوم تحت سقف باطون، تمنحه حق العمل في مختلف المهن والوظائف الرسمية، لا تغلق مستشفياتها ابوابها في وجه الفلسطينيين. لا بل يعامل الفلسطيني في الأردن ومصر وسوريا تحديداً معاملةً تشبه الى حدٍ كبير معاملة المواطنين. والفلسطينيين هناك يعانون كغيرهم من مواطني تلك الدول من القمع والتعسف والمراقبة فهم متساوون في المآساة أيضاً.
أمّا فيما يتعلّق في إحتجاجكِ على نافذة الحرية المتاحة للفلسطينيين للتعبير عن حقوقهم وقضيتهم في لبنان فهذا جزء من برستيج المعادلة السياسية اللبنانية، لكن الملفت هو ضيق صدر حاملة لواء الكلمة الحرة في النهار بهذه المساحة. أما فيما يتعلّق بحرية الحركة للفلسطينيين فأين هذه الحرية، وأنا مع تخصيص جائزة مهمة لمن يجدها. وبمناسبة استعمال كلمة "طرد" الفلسطينيين أكثر من مرّة في المقال ، لا بد من السؤال هل تريدين\ تتمنين طردهم من لبنان.
لا أريد التعليق على الدور الفلسطيني في الحرب اللبنانية، فهو دور خاطىء وقد قامت القيادة الوطنية الفلسطينية بنقد علني لتجربتها اللبنانية وتمّت احدى جلسات المصالحة اللبنانية الفلسطينية في البيت المركزي لحزب الكتائب في الصيفي. لذا وجب الإنتهاء من هذه النغمة عند كل دقيقة فلا داعي لتذكيرنا بأن طريق فلسطين لا تمر بجونيه كي لا نعود لنذكر بأن حريّة بيروت لا تمر بتل أبيب.
سيدتي عوضاً عن سؤال الفلسطينيين عن جهودهم لإثبات حسن نيتهم تجاه الدولة اللبنانية، نسأل عما قامت به الأخيرة منذ التسعينات لتثبت حسن النية تجاه الفلسطينيين؟ لا بل العكس فلقد بنيت معادلة ما بعد الطائف على جامع واحد ألا وهو قمع الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم في تقاطع مصالح اقليمي لبناني\ طائفي، حيث كان القمع والتضييق على الفلسطينيين في لبنان جزء من ضرب القرار الوطني الفلسطيني المستقل من جهة وجزء من محاولة استرضاء الشريك المسيحي واستقطاب غلات العنصرية الى قبّة البرلمان.
هل الفلسطيني مسؤول عن عجز الدول اللبنانية من وقف تدفق المتطرفين الى المخيمات ومخيم البارد تحديداً، عن عجزها من توقيف أي مخرّب للأمن خارج المخيم. هل الشعب الفلسطيني مسؤول عن تنفيذ مقررات حوار أجمعت عليه القوى اللبنانية وعجزت عن تنفيذه، بالأحرى هل السلاح الفلسطيني خارج المخيمات هو حقيقةً سلاح فلسطيني وهل الفلسطيني هو من يكسر هيبة الدولة اللبنانية الموقرة والتي تحترم ونجلّ. استطرادا قرأت تعليقاً في إحدى الصحف اللبنانية عن أن عناصر القوى الأمنية لم يتدخلوا في نزاع فردي تطور ليصبح مسلح خشية تعرضهم كالمرات السابقة للبندورة وتكسير الآليات وشتم العناصر .. سعادة النائب نحن معك بشكل واضح فيما يتعلّق بالحاجة للدفاع عن هيبة الدولة لكن هل الفلسطيني هو المنتهك الأساسي لهذه الهيبة.

أما عن اتهام الفلسطيني بأنه فوق القانون ، فشر البلية ما يضحك... سيدتي انتهت الحرب منذ عشرين عاما بالتمام والكمال .. ومنذ حينها الجميع فوق القانون باستثانء الفقير والعامل الأجنبي واللاجىء والفلسطيني المدني المحاصر في مخيم . تقترحين على السلطة الفلسطينية منح اللاجئين جوازات سفر لمعاملتهم كباقي الناس، فأقترح عليكِ مطالبة الدولة اللبنانية بأن تعترف بدولة اسمها فلسطين ومن ثم يمكن مناقشة هذا الموضوع.
حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المدنية فعل عنصري، حرمان أبناء اللبنانيات من الجنسية فعل عنصري ذكوري ، استعباد العمال الأجانب فعل عنصري آخر، هذه كلها أفعال عنصرية كريهة ومرتكبيها والمتضامنون معهم أشخاص كريهون فلنذكرهم علّهم يتقون.
أختم تعليقي متبنياً ما ورد في نهاية مقالتكِ بشكلٍ حرفي، لأقول " فكفى، وألف كفى، بيانات وخطابات رنانة ومقابلات تلفزيونية لتنظيمات وجمعيات وهمية، او هي في الحد الاقصى تمثل مئة شخص لا اكثر، فيما الاكثرية فالتة من قبضتها ومن قبضة العدالة، وكفى تجريحا بلبنان، وتدميرا لكيانه وهويته. واما المزايدات الاعلامية التي يطلقها لبنانيون فلا تعدو كونها مزايدات كما يدل اسمها، وهي غالبا ما تكون احراجا للآخرين تسديدا لاثمان او لفواتير مسبوقة الدفع لم تعد تنطلي على احد بعدما ذاب الثلج".
.

0 comments:



Copyright 2008| FARFAHINNE is powered by Blogger and K2 Beta Two by يساري مصري.
RSS Entries and RSS Comments