نبيل عبدو
غزة سابقًا وغزة مجددًا، حصار فوق الحصار، القتل فوق الجوع والحرمان... غزة تعود إلى مقدمات نشرات الأخبار بعدما رحلت منها عندما ملّت المحطات من الحصار القديم-الجديد. في يومين سقط أكثر من 300 مئة شهيد، رقم هائل نكاد نشعر أنه إحصاء لا غير، مشهديات فظيعة نرى منها القليل لأن الحصار عتم على غزة وأفرغها من الصحفيين. غزّة مجددًا كبش ابراهيم، نعاملها كأنها أرسلت من السماء لنذبحها فنؤمن أن لدينا قضية لننزل إلى اشوارع وندد ونخلق الشعارات. غزة مجددًا هي يوسف، كما قال محمود درويش، ذلك الإنسان الجميل الذي نقتله لنمدحه.
غزة هي تلك البقعة الصغيرة حيث يقتظ فيها مليون ونصف نسمة، غزة هي الجزء الثاني الذي تبقى من فلسطين هي الفتات التي تمكننا من المحافظة عليها بعد حروبنا العنترية ضد الكيان الغاشم والمغتصب. غزة هي المعاناة اليومية، ظلم النظام العالمي الذي يقمع كل الشعوب لكنه يستلذ أكثر بقمع فلسطين، غزة وفلسطين كلها آخر ما تبقى لنا من مقاومة، من نضال ومن قتال من أجل توفير شيء من الحياة اللائقة أو كما كان يردد محمود درويش، نضال يطمح لكي يكون للشعب الفلسطيني حق الحياة العادية والمملة أحيانًا، أن يتعرى من الرمز ومسؤولياته.
هل نحن بحاجة لمجزرة من أجل أن نتذكر ونتحرك؟ خمسون عامًا من القتل والإرهاب لا تكفينا؟ في كل مرّة نغضب وننفس ببعض المظاهرات ونصور الشعب الفلسطيني كأنه حملان تذبح لا حول لها ولا قوة، نستنجد ونوجه رسالات مفتوحة إلى أناس رؤوسهم مغلقة بوجه الشعارات التي نحملها. في كل الخطابات المنددة تردد كلمة الذبح لوصف ما يحصل في فلسطين من دون دراية ما تحمل تلك الكلمة من معنى خاصة بالنسبة للضحية. فالذبح كما قلت متصلة في ذهننا بالحملان والعجز أمام الذابح، فنطبع على الفلسطينيين هذه الصورة فيمر إلى ذهني جماهير غفيرة واقفة في الصف تنتظر أن تذبح أو تنتظر معونة من الخارج... كفانا قبول تصوير الضحية على أنها فقط تقتل، فالضحية تقاوم وليست تذبح، تموت وتستشهد، وتنتصر أحيانًا...
كم قتيل نحتاج لكي نسقط حكومات وأنظمة؟ كم قتيل نحتاج لكي نتوقف عن مديح المفاوضات وعملية السلم؟ كم قتيل نحتاج لكي يسقط العسكر في نفوسنا؟ كلها تساؤلات تختنق من رائحة العفن التي تعبق من أنظمتنا...
أشارك في مظاهرات فيزيد إحساسي بالعجز، أكثر ما استطعت فعله هو الصراخ في الشارع بوجه العالم علّ الصرخة تسقط دبابة أو طائرة. نتظاهر في الشارع دون أن نقترب من السفارة الإسرائلية أو المصرية أو أو... يسألوني ماذا تريد أن تقول للصامدين في فلسطين؟ أول ما يخطر في بالي هو عفوًا، إعذروني...بعدها أفكر لأقول لهم أتوق أن أنضم إلى النضال ولن أهدأ إلّا عندما نجعل العالم كله فلسطين...
ما العمل؟ يتردد السؤال والجواب سهل ومعروف. مقاومة بكل ما للكلمة من معنى وأوجه. مقاومة عسكرية، مدنية، ثقافية، اقتصادية واجتماعية والخ. على المظهارات أن تصبح أكثر راديكالية لتهدف إلى الإطاحة بالأنظمة أو مضايقتها، استعمال العنف المنظم كأداة لإبراز الرفض فيجب استنفاذ كل الوسائل المتاحة، فإذا النظام الكائن لا يتيح ذلك فعلينا خلق الواقع الجديد وتحدّي ما هو قائم. على الشعارات أن تتحول فليس مطلبنا فقط أن يسقط الحصار بل أنت تسقط كل أوجه القمع، أن تتحرر فلسطين ورفض دولة اسرائيل العنصرية، الصهيونية القائمة على الإضطهاد. كل هذا يعتمد طبعًا على وجود درجة من الوعي عند الناس وتوفر أفق ثقافي، سياسي ونظري للمقاومة.
لست هنا بصدد التنظير والإملاء بل أعطي وجهة نظر مبنية على تاريخ المقاومة ضد اسرائيل، وما شهدناه أخيرًا من أحداث في اليونان وإيطاليا وفرنسا حيث أدى مقتل شاب يوناني على اليد النظام البوليسي إلى عملية عنف منظمة تتحدى النظام القائم وتتطمح إلى خلق واقع أفضل. فعلينا أخذ العبرة منهم لكي لا تذهب دماء آخر قافلة من الشهداء هدرًا.
يا أصدقائي في فلسطين وتحديدًا في غزة أعذروا مجددًا عجزي، فأخاطبكم كانسان يحمل الجنسية اللبنانية لكنه فلسطيني الإنتماء والهوية. وأكرر أن نضالكم ليس منعزل عن كل نضالات التحرر ومحاربة القمع بكل أوجهه المقنعة والظاهرة.
فلن تسقط فلسطين لأنها آخر ما تبقى للعالم من أثبات على وجود نوع من الإنسانية، ولن يهدأ لنا جفن إلا عندما نحول العالم كله إلى فلسطين...
غزة سابقًا وغزة مجددًا، حصار فوق الحصار، القتل فوق الجوع والحرمان... غزة تعود إلى مقدمات نشرات الأخبار بعدما رحلت منها عندما ملّت المحطات من الحصار القديم-الجديد. في يومين سقط أكثر من 300 مئة شهيد، رقم هائل نكاد نشعر أنه إحصاء لا غير، مشهديات فظيعة نرى منها القليل لأن الحصار عتم على غزة وأفرغها من الصحفيين. غزّة مجددًا كبش ابراهيم، نعاملها كأنها أرسلت من السماء لنذبحها فنؤمن أن لدينا قضية لننزل إلى اشوارع وندد ونخلق الشعارات. غزة مجددًا هي يوسف، كما قال محمود درويش، ذلك الإنسان الجميل الذي نقتله لنمدحه.
غزة هي تلك البقعة الصغيرة حيث يقتظ فيها مليون ونصف نسمة، غزة هي الجزء الثاني الذي تبقى من فلسطين هي الفتات التي تمكننا من المحافظة عليها بعد حروبنا العنترية ضد الكيان الغاشم والمغتصب. غزة هي المعاناة اليومية، ظلم النظام العالمي الذي يقمع كل الشعوب لكنه يستلذ أكثر بقمع فلسطين، غزة وفلسطين كلها آخر ما تبقى لنا من مقاومة، من نضال ومن قتال من أجل توفير شيء من الحياة اللائقة أو كما كان يردد محمود درويش، نضال يطمح لكي يكون للشعب الفلسطيني حق الحياة العادية والمملة أحيانًا، أن يتعرى من الرمز ومسؤولياته.
هل نحن بحاجة لمجزرة من أجل أن نتذكر ونتحرك؟ خمسون عامًا من القتل والإرهاب لا تكفينا؟ في كل مرّة نغضب وننفس ببعض المظاهرات ونصور الشعب الفلسطيني كأنه حملان تذبح لا حول لها ولا قوة، نستنجد ونوجه رسالات مفتوحة إلى أناس رؤوسهم مغلقة بوجه الشعارات التي نحملها. في كل الخطابات المنددة تردد كلمة الذبح لوصف ما يحصل في فلسطين من دون دراية ما تحمل تلك الكلمة من معنى خاصة بالنسبة للضحية. فالذبح كما قلت متصلة في ذهننا بالحملان والعجز أمام الذابح، فنطبع على الفلسطينيين هذه الصورة فيمر إلى ذهني جماهير غفيرة واقفة في الصف تنتظر أن تذبح أو تنتظر معونة من الخارج... كفانا قبول تصوير الضحية على أنها فقط تقتل، فالضحية تقاوم وليست تذبح، تموت وتستشهد، وتنتصر أحيانًا...
كم قتيل نحتاج لكي نسقط حكومات وأنظمة؟ كم قتيل نحتاج لكي نتوقف عن مديح المفاوضات وعملية السلم؟ كم قتيل نحتاج لكي يسقط العسكر في نفوسنا؟ كلها تساؤلات تختنق من رائحة العفن التي تعبق من أنظمتنا...
أشارك في مظاهرات فيزيد إحساسي بالعجز، أكثر ما استطعت فعله هو الصراخ في الشارع بوجه العالم علّ الصرخة تسقط دبابة أو طائرة. نتظاهر في الشارع دون أن نقترب من السفارة الإسرائلية أو المصرية أو أو... يسألوني ماذا تريد أن تقول للصامدين في فلسطين؟ أول ما يخطر في بالي هو عفوًا، إعذروني...بعدها أفكر لأقول لهم أتوق أن أنضم إلى النضال ولن أهدأ إلّا عندما نجعل العالم كله فلسطين...
ما العمل؟ يتردد السؤال والجواب سهل ومعروف. مقاومة بكل ما للكلمة من معنى وأوجه. مقاومة عسكرية، مدنية، ثقافية، اقتصادية واجتماعية والخ. على المظهارات أن تصبح أكثر راديكالية لتهدف إلى الإطاحة بالأنظمة أو مضايقتها، استعمال العنف المنظم كأداة لإبراز الرفض فيجب استنفاذ كل الوسائل المتاحة، فإذا النظام الكائن لا يتيح ذلك فعلينا خلق الواقع الجديد وتحدّي ما هو قائم. على الشعارات أن تتحول فليس مطلبنا فقط أن يسقط الحصار بل أنت تسقط كل أوجه القمع، أن تتحرر فلسطين ورفض دولة اسرائيل العنصرية، الصهيونية القائمة على الإضطهاد. كل هذا يعتمد طبعًا على وجود درجة من الوعي عند الناس وتوفر أفق ثقافي، سياسي ونظري للمقاومة.
لست هنا بصدد التنظير والإملاء بل أعطي وجهة نظر مبنية على تاريخ المقاومة ضد اسرائيل، وما شهدناه أخيرًا من أحداث في اليونان وإيطاليا وفرنسا حيث أدى مقتل شاب يوناني على اليد النظام البوليسي إلى عملية عنف منظمة تتحدى النظام القائم وتتطمح إلى خلق واقع أفضل. فعلينا أخذ العبرة منهم لكي لا تذهب دماء آخر قافلة من الشهداء هدرًا.
يا أصدقائي في فلسطين وتحديدًا في غزة أعذروا مجددًا عجزي، فأخاطبكم كانسان يحمل الجنسية اللبنانية لكنه فلسطيني الإنتماء والهوية. وأكرر أن نضالكم ليس منعزل عن كل نضالات التحرر ومحاربة القمع بكل أوجهه المقنعة والظاهرة.
فلن تسقط فلسطين لأنها آخر ما تبقى للعالم من أثبات على وجود نوع من الإنسانية، ولن يهدأ لنا جفن إلا عندما نحول العالم كله إلى فلسطين...
0 comments:
Subscribe to:
Post Comments (Atom)