خالد صاغية
يبدي بعض السياسيين، بوقاحة مطلقة، ضيقهم من استمرار التذكير بمآثرهم وأفعالهم في وسائل الإعلام، رغم صدور البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية. فهؤلاء السياسيّون الذين يؤكّدون دائماً على الشاشات احترامهم لحرية الصحافة، فضلاً عن ولعهم بالديموقراطيّة، يرون أنّ على الجميع أن يصمت حين يتّفق أولو الأمر وأمراء الطوائف. فالإعلاميّ ليس إلا بوقاً يُستخدَم في أوقات النزاع، ثمّ يعود إلى صمته صاغراً حين يتّفق «الكبار» على تقسيم العمل وتقاسم النفوذ والثروة. ينتمي هؤلاء السياسيون إلى مدرسة شراء الأقلام والمواقف، وهم أنفسهم قد باعوا أصلاً مواقعهم لاهثين وراء الجاه والمال الأخضر. لكن، من سوء حظّهم، أنّ الماضي لا يعبر دائماً من دون أن يترك أثراً.
فأيّ بيان وزاري ذاك الذي سيمحو عار وزير مرجعيون والشاي السيلاني؟ ومهما بلغت درجة الودّ المستجدّ بين حزب اللّه وفؤاد السنيورة، فإنّه لا أحد يستطيع أن يزيل من أرشيف وكالات الأنباء صور العناق بين رئيس الحكومة والسيّدة التي كانت تتحدّث عن شرق أوسط جديد فوق جثث أطفال قانا.
أيّ بيان وزاريّ سيمحو جريمة تدمير مخيّم نهر البارد، ويعيد للفلسطينيّين ذكريات بيوتهم الصغيرة؟ لن يغفر التاريخ لا للّذين أمروا بتدمير المخيّم، ولا لأولئك الذين صفّقوا، ولا للّذين اكتفوا بالتفرّج على العنصريّة «إن أكشن».
أيّ بيان وزاريّ سيجعل الناس يتأقلمون مع مستواهم المعيشي المتدنّي، ومع السياسات الاقتصادية الجائرة والمنحازة لمصلحة أصحاب الرساميل؟ وأيّ بيان وزاريّ سينسي هؤلاء استغلال أوضاعهم في البازارات السياسية، قبل دعوتهم إلى تقبّل الفقر ما دامت انتصارات أخرى ضدّ إسرائيل تلوح في الأفق؟
أيّ بيان وزاري سيعفي الطاقم السياسي من تأجيجه العصبيات الطائفية منذ الانتخابات النيابية قبل ثلاث سنوات، حتّى اليوم؟ وها نحن ننتظر موسماً طائفياً زاهراً على أبواب الانتخابات القادمة.
يبدي بعض السياسيّين ضيقهم من صورتهم في المرآة. لقد أصبحوا عراةً بعدما انتهى دورهم. لم يبقَ لهم إلا شتم إعلام لم يتمكّن أولياء نعمتهم من شرائه.

0 comments:



Copyright 2008| FARFAHINNE is powered by Blogger and K2 Beta Two by يساري مصري.
RSS Entries and RSS Comments