من إعتصام 2 آب أمام سفارة النظام السوري في بيروت. ملاحظة السكين في يد الشبيح

قبل أسابيع شهد شارع الحمرا عملية اعتداء على مجموعة من الشباب المستقلين المعتصمين تضامناً مع تطلعات الشعب السوري الى الحرية والديموقراطية. كل هذا حدث على مرأى من القوى الامنية الموجودة هناك ولم يحرك احد ساكناً. وقد تقدّم المعتدى عليهم بشكوى الى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت وانطلقوا من فرضية الاعتداء والتخطيط له لحرمان المواطنين ممارسة حق مدني. لكن هل ستتمكن الدولة من ان تقوم بواجبها في حماية مواطنيها وتوفير حرية الرأي والتعبير؟

يأتيك صوت غسان مكارم الخارج للتو من المستشفى هادئا وحازما في آن واحد "كل ما اردناه هو ان نقف وقفة تضامن مع ارادة الشعب السوري في مطالبته بالحرية والديموقراطية، ونحن نتساءل اليوم اذا في دولة بشارع المقدسي؟
غسان قضى اسبوعا في المستشفى اذ خضع لجراحة لزرع قضيب حديد في وركه بعدما نال نصيبه من اعتداء شارع المقدسي في الحمرا في 2 آب الجاري، ونال تقريرا طبيا في التعطيل مدة 3 اشهر. وينضم غسان الى ثلاثة أخرين من "اللي اكلوها النصيب"، ودخلوا الى المستشفى على اثر الاعتداء عليهم، في رفع دعوى تقدم بها المحامي نزار صاغية الجمعة الماضي 12 آب امام النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، فماذا في التفاصيل؟
منذ اسابيع اخذ شارع الحمرا يشهد على فصل آخر من مظاهر تبتعد عن روحه المعروفة اذ تكثر المقاهي واماكن التلاقي للحديث وتبادل الاراء والسمر والسهر... هكذا تحولت قبل اسبوعين دعوة مجموعة من الشباب المستقلين للتضامن مع تطلعات الشعب السوري نحو الحرية والديموقراطية، امام السفارة السورية في شارع المقدسي في الحمرا، عملية اعتداء على حرية المعتصمين في التعبيرعن ارآئهم.

تسكير الحمرا

يقول غسان مكارم، الناشط في مجال حقوق الانسان "كنا نحاول منذ شهرين الدعوة الى تحرك صغير سلمي ونحرص على ان لا يتم استغلاله او ان يتم حسبانه على أي جهة في 8 او 14 آذار. كل ما اردناه هو وقفة تضامن مع حق الشعب السوري، الا انه كنا كلما اعلنا عن تحرك ما "بتتسكر الحمرا". كيف يعني؟ ينتشر شباب من احزاب موالية للنظام السوري مثل البعث والحزب السوري القومي الاجتماعي في المنطقة لتخويفنا، وقد قال لنا عناصر من الامن اللبناني هذا الامر. وبعد محاولات عدة استطعنا تنظيم لقاء تضامني في 2 آب الجاري امام السفارة السورية كنا نحو 50 شخصا. ما هي الا دقائق حتى بدأ شباب يتوافدون من كل جهات الشارع صوبنا، وبدأت ترمى الكراسي علينا من داخل المبنى الذي تتواجد فيه السفارة التي اخذ يخرج منها شباب ايضا".
واخذ المهاجمون يعتدون على المعتصمين بالعصي والاحزمة الجلدية والكراسي والحجارة ما ادى الى جرح واصابة خمسة اشخاص وذلك على مرأى من القوى الامنية التي كانت موجودة عند مدخل السفارة ولم تحرك ساكنا. وصف مكارم كيف صفعه احدهم فوقع ارضا مغميا عليه ثم انهالوا عليه ضربا على رجله وحوضه وفق ما اخبره اصدقاؤه الذين سارعوا لنقله الى مكان آمن في شارع الحمرا الرئيسي وطلبوا سيارة الاسعف لنقله الى المستشفى. كل هذا حدث على مرأى من القوى الامنية المتواجدة ولم يحرك احد ساكنا.

تقاعس في الحماية والرعاية

وأضاف مكارم انها المرة الاولى التي تشهد فيها بيروت هكذا اعتداء، هذا جديد وخطير؛ مساحة الحرية تضيق لذا يجب التحرك الدائم. "ما يدفعني الى الصمود فكرة تحول شارع الحمرا الذي نعتبره مكانا للحريات والمنتديات والتلاقي مكاناً بوليسياً. اعتقد ان الرسالة وصلت الى الجميع ان السفارة السورية هي خط احمر. وحتى التحركات التي تجري بعيدا منها يحالون التشويش عليها. المهم في الموضوع ايضا ان الناشطين الذين شاركوا في الاعتصام ظلوا يلاحقون من مقهى الى آخر مدة 5 ساعات وهناك من اختبأ في حمام احد المطاعم ليفلت من الملاحقة".
واشار مكارم الى التقدم بدعوى قضائية لانه يجب ان تتم ملاحقة المعتدين على اكثر من مستوى، لقد كان هناك تقاعس في الحماية او الرعاية، من ناحية اخرى كان على الدولة التي تقاعست في الحماية على الاقل ان تتكفل علاج الضحايا، "اضافة الى اننا نريد ان نعرف من اعتدى علينا وان ينالوا عقابهم. الى ذلك هناك مسؤولية في مساءلة السفارة، فقد رأينا كيف ان امن السفارة شاركوا في الاعتداء علينا؟ ما حصل لم يحدث حتى ايام الوصاية السورية. نحن نحزن لفكرة تخلي الدولة عن دورها وتلزيمها الامن للحزب القومي في شارع المقدسي.

دعوى قضائية:
اعتداء على حق مدني

أسعد ذبيان، ناشط آخر تحدث كيف لحق المعتدون بالمتظاهرين في شارع الحمرا، كما قال ان "المدعي العام ومسؤولو القوى الامنية رفضوا في تلك الليلة قبول الشكاوى او توقيف المعتدين". يقول المحامي صاغية الناشط الحقوقي الذي تطوع لرفع الدعوى، "ان عدم قبول الشكوى يومها يعود الى الجدل القائم بين بعض المدعين العامين حول صلاحية القضاء العسكري او النيابة العامة المدنية في البت في مثل هذه الحوادث".
ويتابع "نحن تقدمنا بشكوى الى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت وانطلقنا من فرضية الاعتداء والتخطيط له لحرمان المواطنين ممارسة حق مدني والتضامن مع الشعب السوري. وبطبيعة الحال ما حصل فيه جرم خاص يصل في قانون العقوبات الى 15 سنة حبس. هناك 4 معتصمين دخلوا الى المستشفى هم غسان مكارم، علي شريم، ساره الونسا ونبيل عبدو. كما تعرض الشباب الى ملاحقة في شوارع الحمرا استمرت ساعات.

القضاء والقضايا العامة

في رأي صاغيه ان هناك خطة مرسومة لضرب كل احتجاج ضد النظام السوري وبالتالي حرمان المواطنين ممارسة حقهم في التعبير. ومن يطلع على صور الاعتداء يرى انها ليست بعيدة عن صورة ما يحدث مع المحتجين في سوريا، بمعنى انهم يعتبرونهم مندسين وينهالون عليهم بالضرب. الدعوى قدمت ضد مجهول مع ابراز صور اشخاص واسماء اشخاص توافرت عنهم الادلة. وطلبنا اتخاذ تدابير لتحديد هوية اشخاص اخرين من خلال الكاميرات المزروعة في الحمرا. والمطلوب ان يتابع الرأي العام هذه القضية حتى نصل الى نتائج.
هل يأمل بالوصول الى نتيجة؟ يقول "انا اؤمن بالقضاء كمسرح لعرض القضايا العامة الاجتماعية وهو المسرح المثالي لانه تعرض فيه القضايا بشكل قانوني ويحسم النزاع بشكل قانوني.
المشكلة في لبنان ان الزعماء هم محور الحياة العامة، ومن الضروري ان يتم هذا التواصل بين الناس والقضاء، فتبرز قضايا المواطن وتصبح محور الحياة العامة.

مع ازدياد التوتر والعنف في سوريا وانعكاسه محليا، لم يبق حادث 2 آب وحيدا، اذ لم يسمح للزميلة تانيا مهنا من "المؤسسة اللبنانية للارسال" الاسبوع الماضي من اكمال رسالتها المباشرة اثناء تغطيتها احتجاجاً آخر امام السفارة السورية.
والسؤال الذي ننتظر جميعا الاجابة عنه هل ستتمكن الدولة من ان تقوم بواجبها لحماية مواطنيها وتوفير حرية الراي والتعبير التي كفلها الدستور اللبناني في المادة 13 والاعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة 19؟

رلى مخايل

0 comments:



Copyright 2008| FARFAHINNE is powered by Blogger and K2 Beta Two by يساري مصري.
RSS Entries and RSS Comments